آخر الأخبارأخبار الوطن

هيئة التأمين الصحي الشامل تستعرض تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية على هامش فعاليات مؤتمر “صحة أفريقيا 2025

 

شاركت الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل في جلسة نقاشية رفيعة المستوى نظمتها الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية (UPA)، بالتعاون مع المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC)، والوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي – النيباد (AUDA-NEPAD)، تحت عنوان: “الاستدامة المالية في القطاع الصحي في ظل تغير الأحداث حول العالم”، وذلك على هامش مشاركة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل في فعاليات النسخة الرابعة من المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي “صحة أفريقيا” Africa Health ExCon 2025″ .

 

وناقشت الجلسة سُبل تمكين الدول الأفريقية من تعبئة الموارد الصحية، وتحسين استخدامها، وابتكار آليات تمويل لأنظمة صحية مرنة تُحقق العدالة وتخدم الجميع في ظل التحديات المتزايدة على الساحة العالمية.

 

وسلطت الجلسة الضوء على أهمية الاستدامة المالية للنظم الصحية من خلال بناء نماذج تمويل محلية مستدامة تقودها الدول الأفريقية، وركزت النقاشات على ضرورة إعادة تصور استراتيجيات تعبئة الموارد، وابتكار أدوات تمويل متعددة، إلى جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق التأثير المنشود في البنية التحتية وتقديم الخدمات الصحية للمستفيدين.

 

وأدار الجلسة الدكتور ريتشارد تشيفاكا، أستاذ مشارك في استراتيجية الأعمال وإدارة سلاسل الإمداد بكلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة كيب تاون، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة Spark Health Africa. وشهدت الجلسة مشاركة نخبة من المسؤولين وصناع القرار من مختلف الدول والمنظمات الإقليمية والدولية.

 

حيث أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في كلمة مسجلة، أن العالم يواجه أزمة في الاستثمار برأس المال البشري، مشيرة إلى أن الدول التي ترفع من مؤشرات الصحة والتعليم ستكون الأكثر قدرة على النمو والمنافسة.

 

وأوضحت، أن ضعف التنمية البشرية قد يُكلف بعض الدول ما يصل إلى 40% من إنتاجيتها، وفقًا للبنك الدولي. وأضافت أن حالة عدم اليقين العالمية تتطلب تعزيز كفاءة الاستثمار في الإنسان. وتوقعت المشاط، استنادًا إلى بيانات منظمة الصحة العالمية، انخفاض الأمراض المرتبطة بالصحة بأكثر من 60% بحلول 2035، مشددة على ضرورة مواءمة الجهود الإقليمية لتحقيق تحول اقتصادي شامل.

 

وخلال مشاركته في الجلسة، توجه الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، بالشكر للمنظمين، مشيدًا بالتعاون الوثيق مع هيئة الشراء الموحد، ، وسائر الجهات الفاعلة في دعم المنظومة الصحية، مؤكدًا أن مثل هذه الشراكات هي حجر الأساس لضمان تقدم واستدامة القطاع الصحي.

 

واستعرض الدكتور إيهاب أبو عيش، تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية في قطاع الصحة، مؤكدًا أهمية التكامل بين أدوات التمويل المستدام والتحول الرقمي لتعزيز كفاءة الإنفاق وضمان التغطية الصحية الشاملة لكل المصريين، قائلا: “إن ضمان الاستدامة المالية لمنظومة التأمين الصحي الشامل يُمثل تحديًا مستمرًا، خاصة في ظل الزيادة المطردة في حجم الإنفاق على الخدمات الصحية”.

 

وأضاف: “يتطلب هذا تقديرًا حقيقيًّا للجهود التي تبذلها جهات المنظومة بالإضافة الي الجهات الشريكة في دعم ومساندة منظومة التأمين الصحي الشامل مثل هيئة الدواء المصرية، وهيئة الشراء الموحد، والمجلس الصحي المصري، وغيرها من الهيئات المعنية بتوفير الأدوية والخدمات الصحية المتنوعة”.

 

كما كشف الدكتور أبو عيش، أن نسبة تسجيل المواطنين في محافظات المرحلة الأولى من المنظومة بلغت 83%، معتبرًا ذلك إنجازًا مهمًّا على طريق تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المصريين.. مشيرا إلى أن محافظة أسوان ستنضم رسميًّا إلى المرحلة الأولى اعتبارًا من 1 يوليو المقبل، لتُصبح سادس محافظة تُطبق فيها المنظومة، وهو ما يُمثل خطوة متقدمة في تنفيذ الرؤية الصحية الوطنية.

 

وقدّم الدكتور إيهاب أبو عيش، حزمة من التوصيات لضمان استقرار التمويل الصحي في مصر، شملت: التطبيق التدريجي للمنظومة بما يتيح إدارة رشيدة للموارد، والاعتماد على العلوم المرتبطة بالإدارة الصحية مثل تقييم التكنولوجيا الصحية والبرتوكولات العلاجية الكفؤة بالإضافة الي أحدث التقنيات الطبية للسيطرة على التكاليف، والتوسع في التحول الرقمي، والاعتماد على دراسات اكتوارية واقتصاديات الصحة لضمان تقديم خدمات عالية الجودة.. مؤكدا أهمية تنويع مصادر التمويل، وإشراك القطاع الخاص بشكل فاعل، إلى جانب تعزيز التكامل المؤسسي على المستويين الوطني والأفريقي.

 

وأكد عدد من المشاركين وجود مشاكل تمويل للأنظمة الصحية في القارة الأفريقية، مشددين على ضرورة استكشاف مسارات بديلة نحو نماذج تمويل مستدامة، مثل سندات الصحة، والتمويل المختلط، والاستثمار في الأثر الاجتماعي، مع الشراكات والتحالفات بين القطاعين العام والخاص.

 

وأوضحت سيرينا أغ، رئيسة أمانة فريق العمل المشترك المعني بالصحة في أفريقيا التابع لمجموعة العشرين، أن هناك العديد من القضايا التي يجب التركيز عليها، من أبرزها الاحتياجات التشغيلية مثل الخدمات والمعلومات الأساسية، إلى جانب عناصر مهمة كالفوائد والدعم المالي.. وشددت على ضرورة ربط مقدمي الخدمات بالاحتياجات المالية للمجتمع، بما في ذلك الخدمات الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدة أن هذا المجال يتطلب توسعًا مستمرًا في التغطية.

 

وأوضحت أن هناك ثلاث ركائز رئيسية يجب الانطلاق منها، وهي: الفهم المشترك، وتوحيد الاتجاه التدريبي، والربط العلمي المتكامل مع القضايا المالية. كما أشارت إلى أهمية تكثيف اجتماعات الشراكة المشتركة، لافتة إلى أن الاتحاد الأفريقي يعتزم تنظيم المزيد منها هذا العام، حيث عُقد بالفعل الاجتماع الرابع في شهر يونيو.

 

ومن جانبها أكدت الدكتورة داليا السمهوري، خبيرة أولى في الصحة العامة بصندوق مكافحة الأوبئة، أن المنح المقدمة من الجهات المانحة غالبًا ما تكون قصيرة الأجل، ولا تفي وحدها بمتطلبات الإصلاح أو استمرارية بناء القدرات، مشددة على ضرورة دمجها مع قروض مشروطة من لجان تنموية متعددة الأطراف.

 

وأوضحت، أن التنمية الفعلية تتطلب كسر الجمود في التمويل وتحقيق تكامل حقيقي بين قطاعي الصحة والتمويل، داعية إلى حوار فعّال يُعزز الأمن الصحي والمالي بشكل متكامل.

 

وقال الدكتور ريتشارد تشيفاكا مدير الجلسة، إن نحو 40% من التكاليف داخل النظام الصحي تُنفق على الأجور، في مؤشر واضح على الحاجة لإعادة تقييم آليات توزيع الموارد المالية بما يحقق الكفاءة والعدالة. ولفت إلى أن هذه النسبة المرتفعة تستدعي تفكيرًا جادًا حول كيفية تعظيم العائد من كل جنيه يُنفق في القطاع الصحي.

 

وفي هذا الإطار، طرح تساؤلًا محوريًّا حول دور القطاع الخاص في تقديم شبكة داعمة تضمن الكفاءة والشفافية وتحقق القيمة مقابل المال، مشددًا على أن الإجابة على هذا السؤال تمثل مدخلًا رئيسيًّا نحو بناء نظام صحي مستدام وشامل.

 

وأكد الدكتور أحمد عز الدين، الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات كليوباترا، خلال كلمته أن السؤال الجوهري الأهم اليوم هو: ما الذي يمكن أن نتعلمه فيما يخص الكفاءة والتوجّه الاستراتيجي للمستقبل؟.

 

وأوضح أنه ينصح دائمًا بضرورة إعداد خطة عمل واضحة لكل شركة، بما يشمل الجوانب المالية، وأسس الاستثمار، ونسبة الفائدة التي تصل حاليًا إلى 25%.

 

وأضاف عز الدين، أنه من المهم التفكير بشكل تكاملي عند تطبيق تقنيات مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس فقط كأدوات منعزلة، بل كجزء من منظومة متكاملة تدعم صناعة القرار وتزيد من الكفاءة التشغيلية.

 

واختتم حديثه بالتأكيد على أهمية أن يكون المستثمر أو القائم على المشروع هو من يقود الرؤية، لا مجرد من يتبعها، مشيرًا إلى أن التركيز على نموذج الاستثمار وشروطه هو ما سيُحدث الفارق الحقيقي في مسار أي خطة تطوير مستقبلية.

 

وأكد الدكتور ممدوح العربي، الرئيس التنفيذي لمجموعة العربي، أن مستشفى العربي وقع اتفاقات تعاون مع العديد من البرامج العالمية، بهدف تقديم خدمات صحية مجانية للمصريين، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار حرص المجموعة على توسيع نطاق الاستفادة من الرعاية الصحية المتقدمة داخل مصر وخارجها.

 

وشدد الدكتور العربي، على أن تحسين جودة الرعاية الصحية يُعد من القيم الجوهرية التي تتبناها المجموعة، من خلال الالتزام بأعلى المعايير الطبية، وتطوير الكوادر البشرية، بما يسهم في بناء نظام صحي أكثر كفاءة واستدامة.

 

وشارك في الجلسة كل من: الدكتور إيهاب أبو عيش نائب رئيس هيئة التأمين الصحي الشامل، والدكتور أحمد خليفة أخصائي اقتصاديات الصحة بمنظمة الصحة العالمية، ود. أحمد عز الدين الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات كليوباترا، والدكتور ممدوح العربي الرئيس التنفيذي لمجموعة العربي، والدكتورة داليا السمهوري خبيرة أولى في الصحة العامة بصندوق مكافحة الأوبئة، وسيرينا أغ رئيسة أمانة فريق العمل المشترك المعني بالصحة في أفريقيا التابع لمجموعة العشرين، والدكتور محمد التريكي مسؤول الشراكات الاستراتيجية بمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى