المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية في حوار خاص:
نتواصل مع جميع القوى السياسية والتيارات الفكرية كمرتكز في منظومة صناعة القرار
نتابع مشروعات القوانين وكافة الملفات أمام مجلسي النواب والشيوخ
مشروع قانون الإجراءات الجنائية يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة
الحكومة تسعى لتحقيق التوافق بشأن التشريعات العمالية
مشروع قانون الإدارة المحلية على رأس أولويات الأجندة التشريعية للحكومة
الشراكة مع المجتمع المدني عنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة
وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، مسمى جديد شهدته هذه الوزارة مع توليكم المسئولية، هل من الممكن شرح مهام الوزارة واختصاصاته في ضوء هذا المسمى؟
فيما يخص الشئون النيابية، تعتبر الوزارة حلقة الوصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وذلك في إطار التعاون بينهما وفقاً للمبدأ الدستوري الذي يقضي بالفصل بين السلطات مع التعاون بينها، ويأتي في مقدمة مهام الوزارة في هذا الخصوص اقتراح مشروع للأجندة التشريعية تنفيذاً لبرنامج الحكومة وسياساتها، وذلك بالتنسيق مع السادة الوزراء، وعرضه على مجلس الوزراء لإقراره، وبعد اقراره والموافقة عليه يتم إرساله إلى مجلس النواب قبل بداية كل دور انعقاد، وكذلك متابعة التقدم في مراحل نظر مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة في البرلمان. وفيما يخص الشئون القانونية، فالوزارة تعد واحدة من الوزارات المعنية بملف حقوق الإنسان في مصر تحت مظلة اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، وفيما يخص التواصل السياسي، أصبح مصطلح التواصل السياسي جزء من اسم الوزارة، ويأتي ذلك في إطار توجه القيادة السياسية بإعطاء أولوية متقدمة للتواصل مع جميع القوى السياسية والتيارات الفكرية كمرتكز مهم في منظومة صناعة القرار لا سيما خلال هذه المرحلة الدقيقة من العمل الوطني. وهو قرار جاد وحكيم من القيادة السياسية، مؤكدا أن هذا المصطلح لم يرد في أي حقيبة وزارية سابقة، وهو عملية اتصال واسع مع جمهور عريض، هذا الجمهور يشمل الأحزاب السياسية الممثلة، أو غير الممثلة في البرلمان، وكذلك الاتحادات النقابات المهنية والعمالية والكيانات الشبابية التي تتخذ الشكل القانوني أو لم تتخذه بعد، لكنها كتل موجودة على الأرض، والتواصل مع تلك الكيانات ليس فيه تعارض مع اختصاصات الوزارات المعنية.
حلقة الربط أو الوصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تعكس ديناميكية عمل النظام السياسى في اى دولة، كيف ترى سيادتكم آلية العمل في وزارتكم التي تمثل هذه الحلقة؟
من مهام وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي اقتراح مشروع الأجندة التشريعية لتنفيذ برنامج الحكومة وسياساتها وبرامجها، وعرضها على مجلس الوزراء قبل بداية كل دور انعقاد، وإبلاغ مجلس النواب بالنتائج وإجراء التنسيق اللازم في شأنها، وتقوم الوزارة بتمثيل الحكومة في مجلسي النواب والشيوخ ولجانهما، والتحدث عنها وشرح وجهة نظرها فيما تعرضه من تشريعات، وما تصدره من قرارات، وذلك بالاشتراك مع الوزراء المختصين، وأيضًا تتولى الوزارة متابعة مشروعات القوانين والاقتراحات بقوانين والموضوعات الأخرى المطروحة أمام كل من مجلسي النواب والشيوخ ولجانهما.
حزمة من القوانين الجديدة وأخرى جارى تعديلها، مطروحة على الاجندة التشريعية، ما أبرز هذه القوانين؟
لابد أن نوضح أن مشروعات القوانين الجديدة تعكس رؤية الدولة المستقبلية وتوجهاتها نحو تحسين جودة الحياة وتعزيز سيادة القانون، وبالنسبة لمشروعات القوانين بتعديلات بعض القوانين القائمة فهي تهدف إلى معالجة التحديات التي ظهرت مع مرور الوقت، وضمان مواءمتها مع الاتفاقيات الدولية والتطورات الحديث، ويأتي على رأس الأجندة التشريعية العديد من القوانين الهامة التي تمس المواطن المصري بشكل أساسي، مثل مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الناجزة، ويتضمن تحديثًا للإجراءات بما يضمن سرعة الفصل في القضايا وتحقيق مبدأ الشفافية، ومشروع قانون العمل الجديد، الذي يسعى إلى تحسين بيئة العمل وتوفير ضمانات حقوقية للعاملين، ويضمن التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل. ومن مشروع قانون حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية، الذي يهدف إلى تعزيز مناخ الاستثمار الحر وضمان تكافؤ الفرص بين المؤسسات، ويضع آليات رقابية فعّالة للحد من الممارسات الاحتكارية التي تعيق النمو الاقتصادي، كما كان ضمن الأجندة التشريعية، قانون المجلس الوطني للتعليم والبحث العلمي، الذي يهدف وضع استراتيجيات شاملة لتطوير المنظومة التعليمية وتعزيز دور البحث العلمي في خدمة التنمية، ودعم الابتكار وضمان ربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وقانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي، الذي يأتي تنفيذاً واستمراراً وامتثالاً للمواثيق والاتفاقيات الدولية وجهود مصر فى مجالات حقوق الانسان مع حوكمة استحقاق مساعدات الدعم النقدي لضمان وصول المساعدات لمستحقيها.
الإصلاح بطبيعته عملية تدريجية، كيف ترى مسيرة الإصلاح السياسي في مصر منذ انطلاق الحوار الوطني؟
على المستوى السياسي، تضع “الجمهورية الجديدة” نصب عينيها تعزيز التعددية السياسية وتحقيق استقرار حكومي يساهم في بناء مؤسسات الدولة بطريقة أكثر كفاءة. كما تسعى إلى تحسين المشاركة السياسية للمواطنين، بما في ذلك تمكين المرأة والشباب في الحياة السياسية والاجتماعية، وتوفير بيئة تنافسية تتيح للأحزاب السياسية إظهار دورها بشكل أكثر فاعلية.
ويعد الحوار الوطني أحد أبرز الملامح السياسية التي تميز “الجمهورية الجديدة” في مصر، وهو خطوة استراتيجية هدفت إلى إشراك جميع فئات المجتمع في عملية صنع القرار السياسي والتنموي. يأتي هذا الحوار في إطار رؤية القيادة السياسية لإرساء دعائم الديمقراطية التشاركية وتعزيز الاستقرار السياسي، حيث يُعتبر أداة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتفعيل دور القوى المختلفة في بناء الدولة، ويمثل تجسيدًا لروح التعددية السياسية التي يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تعزيزها من خلال خلق بيئة حوارية مفتوحة بين الحكومة والأحزاب السياسية، والنقابات، والمجتمع المدني، والمواطنين بشكل عام.
وأيضاً يُعد أحد أهداف الحوار هو تعزيز الديمقراطية من خلال تقديم منصة لحرية التعبير والرأي، حيث يُمكّن القوى السياسية من المشاركة الفاعلة في معالجة الأزمات الوطنية دون استبعاد لأي طرف. كما تمثل مشاركة الشباب والمرأة جزءًا أساسيًا من هذا الحوار، حيث تم تخصيص مساحات واسعة للشباب المصري لتقديم مقترحاتهم وأفكارهم حول قضايا مثل التعليم، والمشاركة السياسية، فضلاً عن تعزيز حقوق المرأة في المجتمع، يمثل ذلك تعزيزًا للمشاركة المجتمعية ودمج فئات مختلفة في عملية صنع القرار.
في أحد تصريحاتكم أمام مجلس الشيوخ، أشرت إلى أن “هناك تكليف من مجلس الوزراء بمد جسور التواصل بين مجلس أمناء الحوار الوطني والحكومة”، ما دور الوزارة في هذا الخصوص، خاصة وانكم تشغلون منصب رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني؟
في البداية يجب أن اذكر أن برنامج عمل الحكومة الجديدة اعتمد بشكل رئيسي على مخرجات الحوار الوطني، كما تم تشكيل مجموعة تنسيقية مشتركة مُشكلة من أعضاء من مجلس أمناء الحوار الوطني، وأصدر السيد رئيس الوزراء قرارا بتشكيل مجموعة عمل من المكتب الفني التابع لرئيس مجلس الوزراء، وكذا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء، لمتابعة مخرجات الحوار الوطني مع الوزارات المعنية، وتم عقد لقاءين كان الأول لمناقشة مخرجات المرحلة الأولى، وتم عقد اللقاء الثاني لمناقشة مخرجات الحوار الاقتصادي والذي بالمناسبة شارك في جلساته النقاشية العامة والتخصصية العديد من الوزراء المعنيين، ويأتي دور الوزارة في كونها حلقة الوصل بين الحكومة والحوار الوطني للمتابعة مع الوزارات المعنية ما تم تنفيذه من توصيات صادرة عن الحوار الوطني واستقبال تقارير دورية عن مدى التقدم في تحقيق تلك التوصيات على أرض الواقع.
الحوار الوطني قدم العديد من الرؤى والمقترحات في المجالات كافة، ما الدور الذى لا يزال منتظر من الحوار الوطني اليوم؟
بناء الرؤية الوطنية المتكاملة للمستقبل، ترتكز على نتائج الحوار، وتشمل حلولًا للتحديات الاقتصادية والاجتماعية، مع تحديد أولويات واضحة لكل مرحلة، كما أنه يعزز الثقة بين القوى السياسية المختلفة، ويفتح قنوات حوار مستمرة لتجاوز الخلافات، بما يرسخ الاستقرار السياسي والاقتصادي. وتعد مخرجات الحوار الوطني مكونًا أساسيًا في بناء الجمهورية الجديدة، حيث تساهم في تحديد أولويات المرحلة المقبلة وفقًا للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وتقدم حلولًا متكاملة لمشاكل مزمنة، وتتجاوز مجرد كونها آراء أو مقترحات، إلى حلول استراتيجية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، فالحوار الوطني قد أسفر عن مخرجات تتعلق بمجموعة من الملفات الحيوية التي تلامس احتياجات المواطنين بشكل مباشر، مثل التعليم، والصحة، والعدالة الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي، وتحديث التشريعات، هذه المخرجات ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي تجسيد لرؤية مشتركة بين جميع الفئات المجتمعية التي شاركت في الحوار، كما أن الحوار الوطني ليس مجرد مرحلة عابرة، بل هو عملية مستمرة تساهم في تحقيق تنمية مستدامة، وتعزيز التلاحم الوطني لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
النقابات العمالية، تمثل ركيزة أساسية في ثلاثية العلاقة الإنتاجية مع الحكومة من طرف وأصحاب الاعمال من طرف ثان، ما رؤيتكم بشأن تلك العلاقة بين العمال وأصحاب الاعمال؟
تولي الحكومة اهتمامًا بالغًا لتعزيز العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال، من خلال إزالة العقبات التي قد تعيق هذه العلاقة. وفي هذا السياق، وافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه في سبتمبر 2024، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار يقضي بإنشاء “المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي في مجال العمل”. ويهدف هذا المجلس إلى تعزيز التعاون والتشاور والحوار بين أطراف العمل الثلاثة وهم: الحكومة، وأصحاب الأعمال، والعمال – بما يحقق التوازن والاستقرار في علاقات العمل، ويسهم في رسم سياسات الحوار الاجتماعي وتهيئة بيئة عمل داعمة للتعاون بين الأطراف المعنية.
ويختص المجلس بإبداء الرأي في مشروعات قوانين العمل، ودراسة الفجوات التشريعية المتعلقة باتفاقيات العمل الدولية، إضافة إلى اقتراح حلول وقائية للحد من منازعات العمل، خاصة خلال الأزمات الاقتصادية.
ويتشكل المجلس برئاسة وزير العمل، وعضوية ممثلين عن عدد من الوزارات، بالإضافة إلى 11 عضوًا يمثلون منظمات أصحاب الأعمال، يتم ترشيحهم بالتوافق فيما بينهم، و11 عضوًا يمثلون النقابات العمالية، مع مراعاة تمثيل الاتحادات النقابية العمالية الأكثر تمثيلًا للعمال، والنقابات العامة غير المنضمة لأي اتحاد نقابي عمالي، فضلًا عن العاملين في القطاع غير المنظم والعمالة غير المنتظمة. كما يضم المجلس أعضاء من ذوي الخبرات الاقتصادية والعمالية والمؤسسية، مع ضرورة مراعاة تمثيل النساء في عضوية المجلس.
وفي إطار حرص الحكومة على التوافق بشأن التشريعات العمالية، تشهد وزارة العمل حوارًا اجتماعيًا مستمرًا للتشاور حول مشروع قانون العمل الجديد، تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب خلال الدورة الحالية. ويأتي هذا المشروع في مقدمة الأولويات التشريعية للجنة القوى العاملة بمجلس النواب،حيث تحرص وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي على المشاركة الفاعلة في جلسات اللجنة لضمان صدور القانون بتوازن وتوافق يحقق مصالح جميع الأطراف.
وفي سياق متصل، يولي الحوار الوطني اهتمامًا كبيرًا بقضايا العمال والنقابات، حيث تنشط لجنة النقابات والمجتمع الأهلي ضمن المحور السياسي في مناقشة التحديات التي تواجه النقابات العمالية والمهنية. وقد نظم الحوار الوطني جلسة عامة لمناقشة التحديات التي تواجه العمل النقابي العمالي، بمشاركة رؤساء النقابات العمالية، الذين استعرضوا أبرز العقبات وطرحوا حلولًا لمعالجتها، بما يعزز دور النقابات في تحقيق مصالح العمال.
المحليات ودورها، هل من الممكن أن نشهد انتخابات للمحليات بعد الانتخابات البرلمانية القادمة أم مازال الطريق يحتاج إلى مزيد من العمل؟
أود القول أولًا، إن مصر تحتاج إلى إدارة محلية قوية، وتلك الإدارة المحلية القوية يمكننا العمل على قوانينها، حيث يأتي مشروع قانون الإدارة المحلية على رأس أولويات الأجندة التشريعية للحكومة، والوزارة ايضًا ستطرح مقترحاً لفصل النظام الانتخابي للإدارة المحلية عن قانون الإدارة المحلية، وبالفعل طريق المحليات طويل ويحتاج إلى المزيد من العمل، ولكن الآن لدينا استحقاقان انتخابيان، انتخابات مجلس الشيوخ أولا، تليها انتخابات مجلس النواب، ولا يمكن أن تجرى انتخابات المحليات قبل هذين الاستحقاقين، ولكننا نستطيع حتى تتم تلك الانتخابات، أن نقوم بسن قوانين جيدة للمحليات، وأن نبدأ فيها من حيث انتهى الآخرون، لأن وضع قوانين للمحليات ليس بالعملية السهلة.
أشرت سيادتكم في بعض التصريحات إلى أن الوزارة تعتمد سياسة من ثلاثة أركان، وهى: الترحيب بالأفكار، والانفتاح، والحوار مع الجميع، هل توجد ثمة تواصل بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية؟ وما هو شكل هذا التواصل وآلياته؟
نعم، بالفعل تعتمد وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي سياسة الترحيب بالأفكار، والانفتاح، والحوار مع الجميع، حيث تحرص الوزارة على تعزيز التواصل مع الأحزاب السياسية والاتحادات والنقابات والمجتمع المدني، عبر تنظيم ندوات ولقاءات دورية تُتيح مساحة للحوار المفتوح وتبادل وجهات النظر حول القضايا الوطنية الراهنة. وتهدف هذه الفعاليات إلى بناء جسور الثقة والتفاهم بين مختلف الأطراف السياسية، بما يسهم في صياغة رؤى مشتركة تدعم مسيرة التنمية والاستقرار، كما توفر هذه اللقاءات فرصة للأحزاب للمشاركة في مناقشة السياسات والمبادرات الحكومية، مما يعزز دورهم كشركاء فاعلين في عملية صنع القرار، ويساهم في تحقيق توافق وطني حول التحديات التي تواجه الدولة.
وتؤمن الوزارة بأن الشراكة مع المجتمع المدني تعد عنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة. في هذا الإطار، تعمل وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي على تعزيز التعاون والتنسيق مع مختلف منظمات المجتمع المدني، بما يسهم في تكامل الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني، مما يوسع نطاق الاستفادة ويعزز وصول تأثير البرامج والمشروعات إلى جميع المواطنين.
كما تلعب الوزارة دورًا محوريًا في توضيح طبيعة المرحلة الراهنة التي تمر بها الدولة، وتحرص على تعزيز العلاقات والتشبيك بين الدولة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني، وذلك لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة والعمل على تحقيق أهداف التنمية الشاملة.